اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

الى "الهمًازين" .."الًلمًازين" ..

كتب بواسطة : futurosahara on 11‏/04‏/2012 | الأربعاء, أبريل 11, 2012



بقلم: عبداتي لبات الرشيد 

لم أكن أريد التحدث في موضوع كهذا لكن بعض الناس الذين بات يزعجهم كلامي أكثر من اللازم هم كذلك أصبحوا يهمزون ويلمزون أكثر من اللازم، ولهم وحتى لا يذهبوا بعيدا في "همزهم" و"لمزهم" أقول وببساطة أن صاحب هذه "الخربشات" ليس صحفيا ولا كاتبا ولا مثقفا ولا "نخبويا"، ليس حاسدا ولا حاقدا ولا "متمصلحا" ولا متملقا، إنه مواطن عادي، مواطن بسيط قرر أن يقول رأيه بصراحة ودون نفاق ولا مجاملات ولا مطولات ومن خلال اقصر الطرق وأقلها تكلفة، صاحب هذه "الخربشات" المملة مواطن عادي يعاني البيروقراطية والعزوبية، يعاني غلاء المحروقات وكثرة المكروهات، مواطن، مجرد مواطن من الدرجة الثالثة بعد المائة لكنه يحفظ المادة الثلاثين من الدستور والتي تقول بالحرف "حرية التعبير مضمونة تمارس طبقا للقانون" والمادة الخامسة والعشرين من الدستور والتي تقول بالحرف "يتمتع كل مواطن صحراوي بالحقوق والحريات المعترف بها والمكفولة في الدستور دون أي تمييز قائم على العنصر أو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي"، و كمواطن صحراوي قررت أن أمارس هذا الحق، حقي الطبيعي كإنسان في هذا العالم، حقي غير الممنوح لا من فخامة الرئيس ولا من الأمانة الوطنية ولا من الحكومة، وهو حق إنساني تكفله القوانين والمواثيق الدولية وتكفله أيضا قبل ذلك شريعتي الإسلامية، أمارس ذلك الحق إذا بشكل صريح وبلغة بسيطة، بعيدة عن التقعر اللغوي وخالية من كلمات مثل "يعني" و"أعتقد" و"أظن" و"كان يجب" و"نرى أنه" و"نقترح" و"في الواقع" و"في الحقيقة"، خالية من كلمات أكرهها من قبيل "التحسيسية" و"النضالية" و"الجماهيرية" و"التثقيفية" و"التكوينية"، خالية من كلمات أمقتها من قبيل "تفعيل" و"تكريس" و"تمتين" و"ترتيب"، خالية من كلمات فارغة من قبيل "التحدي" و"الصمود" و"الاستمرارية" والتي صدعوا بها رؤوسنا والتي تملأ كل تلك التقارير والبيانات والوثائق الصادرة عن مجلس الوزراء وعن مجلس الحكومة وعن مكتب "الأمانة" وعن تلك الأمانة وعن الندوات التحضيرية والندوات الصحفية والندوات "لخروطية" والاجتماعات "الزًعتية"، لغة خالية من الشعارات، كل الشعارات بما فيها تلك التي عقدت "تحتها" أو "فوقها" المؤتمرات الشعبية والندوات السياسية والأيام التضامنية والوقفات الميدانية والأيام التكوينية والجامعات الصيفية والبرامج الشتوية والخريفية والربيعية، لغة بسيطة جدا قد لا تخلوا من كلمات جد بسيطة "سوقية" أحيانا لكنها تعبر في معناها الذي يتجاوز الفهم السطحي عن معانات الناس وآلامها وأحزانها مع هذه الدنيا الحزينة وهذا الزمن المر التعيس.
العبد لله مواطن بسيط، وبكل فخر إبن مجاهد ومواطنة مكافحة بسيطة ومتواضعة أحفظ لها تربيتي على قول الحق ومدين لها بحياتي على كل يوم صعب عاشته في أرض اللجوء من اجلي، من اجل أن أعيش وإخوتي وندرس ونكبر، مدين لها وسأبقى على كل شيء، وبكل تواضع كنت ولا أزال أكافح كباقي أفراد هذا الشعب "المطحون" من اجل البقاء وفقط من اجل حلم قد يتحقق ذات يوم، ومثل أفراد هذا الشعب كنت ولا أزال مجرد مواطن مكره ومحبط من جراء أفعال وأقوال هذا النظام.
 صاحب هذه "الخربشات" المملة والمنتشرة هنا و"هناك" مواطن يائس وفاقد للأمل لأنه وحتى الضوء الذي قد يكون عادة في آخر النفق لم يظهر بعد ولا أمل في ظهوره، أنا – وأعوذ بالله من قول كلمة أنا – مواطن ليله طويل لأنه لا ينام إلا متأخرا من "التخمام" بحاضر هذا الشعب المقرف ومستقبله المجهول، أحاول نقل معانات الناس التي لا صوت لها، الناس الضعيفة، نقل معانات أمهاتنا وآبائنا الذين ضيعوا أعمارهم في سبيل أن نعيش نحن في بلد لم نولد على أرضه لكننا رضعنا من لبنه وسمعنا عن بطولات آبائنا وأجدادنا من الذين ضحوا ورحلوا والذين ضحوا ولا زالوا يدفعون الثمن بعيدا عن ذلك الوطن، من اجل تحقيق الحلم في أن نعيش نحن على ارض شهدت ميلادهم واحتضنت رفات آخر رجالات هذا الزمن من الذين دفعوا حياتهم ثمنا لحرية نراها اليوم تسرق حتى من أفواهنا وقبل أن تدمعها أقلامنا حبرا على ورق، مجرد "حبر على ورق" ففي النهاية ما الذي يمكننا تغييره، فما نقدمه مجرد حبر على ورق لن يكون له أي تأثير أو كلام على أفواه سوف لن يسمع وإن سمع سوف لن يغير من الأمر شيئا، ومع ذلك "مستخسرين فينا" هذا الحق وهو الأخر لم يسلم من يد غادرة قادرة على سرقة كل شيء بما في ذلك الكلام والابتسامة من على ثغورنا وحتى "الخبزة" "اليابسة" "الحافية" قبل أن تصل الى أفواهنا.
كتبت مؤخرا الى مواطن من هذا الشعب كان قد رد عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"على احد مقالاتي  وقال عني "أشياء" من قبيل أنني "وكال الغلة وسباب الملة" وهو في النهاية وصف يعبر عن رأيه الذي هو في النهاية وصف لمواطن آخر مثله ربما، بسيط ضعيف بلا حول ولا قوة، كتبت إليه عبر الإيميلّ: " .. ولأنني  لا أحب الرد على كلام الآخرين لان هذه ليست مهنتي ولا وظيفتي ولا هوايتي ولا سبب وجودي ولا سبب بقائي ولا سبب نعمتي ولا سبب نقمتي، سأقول لك شيء واحدا فقط: سبق وكتب البعض وعلق وذكرني بالاسم صراحة ولم أرد ولم أكلف نفسي عناء الرد فليست مشكلتي مع احد، أي احد ولست في صدام مع احد ولم أكن يوما ندا لأحد، لدي ولديك ربما ولدى غالبية هذا الشعب مشكلة مع نظام، مع سياسات، مع مهازل وفضائح مع ماضي تعيس وحاضر مقرف ومستقبل مجهول لنا ولأولادنا وللأجيال من بعدنا، -أنا- مواطن بسيط مجرد مواطن تعيس لكنني أؤمن بأن لدي حق دستوري ليس منة من احد في إبداء الرأي في السياسات وفي الحكومات وفي التوجهات، في الماضي والحاضر وفي المستقبل من اجل الأجيال ولن اهبط أبدا صدقني، لن اهبط بنفسي لأوفر قلمي أو لأكرس بعضا من وقتي للحديث عن شخص لا مدحا ولا ذما ".
وإذا .. سنبقى نتحدث ونجهر ونكتب ونمارس حقنا المشروع في إبداء الرأي ونقل معانات الناس البسيطة التي لا صوت لها والتي لا تقرأ حتى ولا تكتب ولا تستمع الى المذياع ولا تشاهد التلفزيون ولا تعرف شيئا عن عالم اسمه الانترنت، الناس البسيطة المقهورة والمظلومة الجالسة طول النهار وعرض الليل في خيامها المتواضعة منذ أكثر من ثلاثة عقود، الناس التي لم تغادر تلك الخيم إلا الى مهرجان خطابي ممل، معاد، مكرر، تعيس محبط، مخيم للآمال أو الى مكان لتقسيم المواد الغذائية أو قارورات الغاز، الناس البسيطة التي لم تذهب الى اسبانيا ولا تعرف شيئا عن وثائق الإقامة أو الجنسية أو حتى "الباسبور"، الناس التي لا تمتلك ديارا في تندوف ولا في نواذيبوا ولا في اسبانيا ولا في أي مكان آخر، الناس التي تدرس أبنائها في مدارسنا "التًعبانة" والتي تتداوى في مستشفياتنا "المنهكة"، الناس البسيطة التي لا تمتلك سيارات فخمة ولا مشاريع تجارية.
نتحدث ونبدي رأينا بشكل حضاري وشجاع رافعين رؤوسنا في وضح النهار موقع بالاسم الكامل مرفق بصورة غير مركبة ب"الفوتو شوب" بملامحنا الطبيعة التي فعلت بها قسوة الطبيعة ما فعلت وذلك حتى أتحمل مسؤوليتي كاملة عن كل حرف أو كلمة أو معلومة تخطها يدي، نعبر عن رأينا بشكل حضاري من هنا، نعم من هنا، من مخيماتنا وليس من مكان أخر، نقول رأينا بعيدا عن جلسات "آسواقا" و"أكل الغيبة" والنميمة والحسد والحقد والضغينة، نقول رأينا في النظام وفي السياسات وفي التوجهات وليس في الأشخاص الذين لا تهمنا ذواتهم بأي شكل من الأشكال ولا أحلامهم ولا عقيدتهم ولا هواياتهم ولا زوجاتهم ولا عشيقاتهم ولا لباسهم ولا عطرهم المفضل ولا أكلهم غير المفضل، نقول رأينا بعيدا عن القبلية والعنصرية والمحسوبية والرشوة وقبول الهدايا والسخايا، نقول رأينا الذي نعتقد والذي لا نريد من ورائه جزاءا ولا شكورا إلا ابتغاء قول الحق وإصلاح الأمور من اجل حياة أفضل للقابعين وراء الهامش دوما ومن اجل الحاضر والمستقبل ومن اجل أبنائنا ومن اجل أحفادنا ومن اجل الحلم الذي نعيش فقط لأجل تحقيقه.
كتب إلي صديق عزيز ذات مرة "أس أم أس" في آخر ليل كان يومه طويل .. شاق .. وحزين .. كتب إلي بلغته الساخرة والتي وحدها تعطيني الابتسامة التي أفتقد .. كتب يقول " لقد ضاعت البلاد يا صديقي ولو كان في هذا الوطن عباد غيرنا لكانوا قد انتحروا لكننا منافقين ولا نمتلك الشجاعة " .. قلت له " نعم يا صديقي .. نعم .. نحن منافقين .. نحن "حزارين" .. نحن أنتاع الكذب .. أنتاع "لخروطي" .. أحنا يا صديقي أنتاع ألي عدلنا الخير انكافوهلوا بالشر وألي عدلنا الشر انكافوهلوا بالخير .. ألي يكذب  أعلينا أنصدقوه وألي إقول الحق أنبهدلوه .. أحنا مع ألي يكرهنا .. مع ألي إبهدلنا .. نحن يا صديقي مع الواقف دائما حتى ولو كان حمارا .. "
مع ذلك يبقى الأمل هو الغالب لأن التشاؤم المعبر عنه والذي أزعج البعض والذي يسيطر مع الأسف علي ما هو في النهاية إلا أملا  في غد أفضل لتلك الأجيال التي ستأتي من بعدنا ومن اجل أن لا نساهم مجددا ودوما في جعل حاضرها أكثر قسوة من حاضرنا ولا مستقبلها أكثر غموضا من مستقبلنا.