اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

البيظان و ايتيمولوجيا المكان

كتب بواسطة : futurosahara on 15‏/05‏/2012 | الثلاثاء, مايو 15, 2012


لرباس الزاوي
ان ما دفعني لتناول هذا الموضوع ؛ليس ما ورد مؤخرا من بعض الكتاب المواظبين على مجلة المستقبل الصحراوي,بل ان الموضوع في حد ذاته شكل و سيشكل هاجسا بالنسة للمهتمين و المعنيين بالمجال الفضائي لمجتمع البيظان.ان اعادة النظر في مورفولوجيا اسماء الامكنة مع ما يترتب على ذلك من ضرورات ايتيمولوجية ,هو مقاربة لسنية بحتة,ليس من العلمية بمكان قراءتها قراءة مؤدلجة او سياسيوية.ان ارض البظان التي تشكلت لغويا (نفس اللهجة)هي مجال جغرافي كبير نسبيا ,شكلت عبر حقب تاريخية قطبا مهما على مستوى التطورات التي مست الفضاءات الاخرى المجاورة.ان هذا الفضاء قبل ان يتم تعريبه و اسلمته جزءمن الفضاء الامازيغي الكبير مع بعض الخصوصيات المحلية اللهجية شانه في ذلك شان الفضاءات الامازيغية الاخرى المترامية الاطراف.                                                                                              
ان هذا الفضاء الذي نتحدث عنه و الذي تتفادى نخبه الغوص بشكل جدي  في قضاياه الايتيمولوجية ,تخوفا او تحرجا,تميز بكونه الفضاء الامازيغي الذي استساغ بشكل سلس و مرن قدوم الوافدين العرب ,عكس الفضاءات الاخرى التي تمت اسلمتها بالقوة في الغالب .ان هذه المرونة في قبول الاخر بكل حمولاته الثقافية و اللغوية و العقدية ,شكلت الحافز و الركيزة الاساسية لهيمنة الايديولوجيا العربية مقابل افول الايديولوجيا الامازيغية بشكل لافت للنظر على كل مستويات الحياة اليومية .ذلك ان ان الابتعاد عن كل ماهو امازيغي يعني اشباع الروح عقديا و ترويضها لغويا حتى يتم التاقلم مع المعطيات الجديدة والخوض في مكنونات النص العربي الجديد و كل ملحقاته(القران الكريم)ان هذا العامل الديني و الثقافي الجديد شكل في لحظته ولازال يشكل الاخراج الجديد و المتميز للهوية بالنسبة البيظان.وبناء على هذا التصور ,واضافة الى لغة التمييزوالتمايز , فان الهاجس الواخز ابدا هو ما قبل تشكل مجتمع البيظان.لذلك بلجئ الوعي الجمعي الى استصدار بطاقات الطرد والاجتثاث `قصد تجفيف منابع ذلك الواقع رغم مثوله الدائم على مستوى اسماء الامكنة و المواضع .بعد هذا الفرش المتواضع اتساءل من منطلق التواصل و البحث المعرفي دون توجس او مكابرة او مزايدة,ماذا يضير اذا كانت فعلا الدلالة السميائية لمسمى ما تحمل دلالة قدحية غير مقبولة اجتماعيا؟كما ذهب الى ذلك بعض الباحثين الموريتانيين في التاريخ عندما اكد ان كلمة نواذيبو تعني راس الكلب وكما جاء في مقال احاديث من موريتانيا.وهل تلك الدلالات بكال شحناتها هي من فعل فاعل يبيت النوايا السيئة,مستغلا جهل الناس للغة او لهجة ما؟اذا كان الامر على ذلك النحو ,اية نوايا سيئة  تستشف من من وراء التسميات التالية   طابك الكلب, حسي الصدادفة,بيرات اهل اعلي طالب  ؟                                                           يبدو احيانا اننا نغلب على مخزوننا العام ردات الفعل السياسية الآنية ,وهو امر ان كان اصحابه يتوخون منه مكتسبات مهمة ,فهم على العكس من ذلك يجردون هوية المجتمع من من مكون اساسي من مكوناته لازالت الذاكرة الاجتماعية تحتفي به اما على مستوى المنطوق او على المستويات المادية الاخرى,كالزينة والرقص وكل اشكال الطقوس الاخرى.وللتوضيح اقول ان جميع اسماء الامكنة التي تبتدئ بالف مد خفيفة و تلك التي تبتدئ و تنتهي بحرف التاء هي في الاصل صنهاجية .ولعل من سخرية التاريخ ان الفرنسيين الذين فرضوا اسم موريتانيا الحالي بدل شنكيط التي تعني عين الفرس ظنا منهم ان الاصل فيه روماني هو في حقيقة الامر امازيغي صنهاجي تم تحريفه ,اذ الاصل فيه  هو امورتناغ اي ترابنا.             
ختاما ان هذا الموضوع المطمور الذي يحسب على التابوهات لاسباب تنم عن عجز الذات في اعادة قراءة تيمات فضاءاتها ,هو موضوع شيق و مثمر ويمكن ان يفتح افاقا رحبة للنقاش اكثر عمقا و اتساعا تمس محرما اخر وهو جينيالوجيا قبائل البيظان التي لا نشك في ان اغلبيتها ذات اصول صنهاجية دون ان يغير ذلك شيئا من الحقائق السياسية و القانونية الموجودة على الارض.اذ نفس الواقع ينطبق على باقي بلدان المغرب الكبير.بل ان استلهام احظات تاريخية  من ماضي فضاء البظان المركب اثنيا و لغويا لكفيل باعادة الاعتبار من طرف الآخر قبل الذات لهذا الموروث الانساني و للمجتمع الذي يحتضنه.وكل محاولة للهروب من ملامسة الحقيقة الواضحة للعيان,هي من قبيل حجب اشعة الشمس بالغربال.
12مايو2012