اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

المناطق المحتلة بين البوليساريو والمغرب

كتب بواسطة : futurosahara on 07‏/10‏/2014 | الثلاثاء, أكتوبر 07, 2014

بقلم : سعيد المرابط
منذ أن دخل المحتل المغربي إقليم الصحراء الغربية في شاحنات المسيرة الخضراء سنة 1975. كانت فئة من الصحراويين قد إختارت النزوح واللجوء كصورة من صور رفض الضيف الجديد اللذي جاء إلى بلادنا غازيا وأصبحت بين يديه الغانية الجميلة يفعل بها ما شاء لكنها لم تكن لتدخل تلك اليد المتعفنة بدماء آلاف الأبرياء من أبناء الصحراويات إلا بواسطة يد أخرى ( إتفاقية مدريد ) ومن إيعاز فرنسي وصمت دولي.
أما الفئة الأخرى التي سلمت أمرها لله وحده وأختارت البقاء على الرقعة المقدسة لكل نفس تجري بها دماء الصحراويين، كان أمرها ينسج في الغيب أولا وفي دهاليز الداخلية المغربية ثانيا. اليوم بعد مرور أربعين سنة ونيف يستحضرني الوضع "الحاضر الغائب" في زمن اللا حرب مع المغرب بالنسبة للصحراويين في مخيمات العزة والكرامة والمناطق المحررة. وزمن اللا سلم لمن بقي منهم في الصحراء الغربية.
 أربعة عقود من التهميش والتنكيل والتهجير والسجون والإختطافات وما خفي كان أعظم عاشها من عاشها ومات فيها ومازال يعايشها من شهدها من بدايتها ومن ولد فيها والجبهة لا تحرك ساكنا الا بعد خراب "ملطة " هذا إن تحركت اصلاً. ولكم في " أكديم إزيك " ذكرى يا أولي الألباب إن كنتم تعقلون. كأن المناطق المحتلة طبل يحرك صداه المجتمع الدولي أو نقطة جاذبية لأعين الغرب (المنظمات الدولية والجمعيات الحقوقية ).أو يد تتألم وتنزف دماً لكنها تصفع المغرب إنسانيا حقوقيا وديبلوماسيا، أو كأنها سكين تذبح مخططات المغرب ومقبضها في يد سادة "الرابوني ".
 إذا كان من هم الآن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون في مخيمات اللاجئين قد ألفوا تلك العيشة أو فرضت على البعض أن يوهم البعض الآخر بأنها لن تدوم حتى سرى الألف فيهم كما يسري الدم في العروق. فإننا نحن الصحراويين ( المناطق المحتلة ) قد سأمنا هذه الحياة بكل ما فيها. حلوها أو مرها جميلها أو قبيحها. ونطالب كل نفس أبية لم تأخذ القيادة بناصية الإدراك فيها أن تأنب ضمير رجال سلمناهم عجلة القيادة فينا. أن تقوم على أن يتوحد شعب نخر السوس أعمدته تارة سوسة بيضاء ( القبيلة ) وتارة أخرى سوداء ( المؤامرات المغربية). ومن المفارقات ذات الدلالة أن تقوم من مضجعك خارجاً من البيت وأنت لا تدري إلى أين أنت ذاهب وهل ستعود أم يكون مصيرك كآلاف غيرك من بني جلدتك، عكس من يخرج من خيمته إلى أي مكان في المخيمات لا يخشى شيء إلا الموعودة إن أخذ ربك روحه. شيئان متناقضان لا يفرق هذا التناقض بينهما إلا من ذاق الاذلال. وأن ترى من هجنت لهجتهم بلهجة البربر دون أن يدري فبالأحرى يخير شيء أقبح من سابقه وأحقر في آن معاً. وأن تواجه المحتل في وطنك المسلوب وتوصل نضالك إلى عقر داره وبين أهله والآخر يعلق الوضع على شماعة " وقف إطلاق النار " عذر واهي لم نعد نقبله. أن تنتهك حريك كل يوم صباح مساء، وأنت تحاول محاولة الغريق مصارعة الموت، من أجل البقاء على كرامتك. أن تكون من خيرة الطلبة وتهمش فقط لأنك لست مغربي، والآخر يدرس بكل حرية في اللجوء والشتات، أمر حقير ونحن من نفس المشكات خرجنا، ونفس المعاناة نعيش. نعلم كل العلم أن من في المخيمات عانوا الكثير من الويلات، الإنسانية والطبيعية لقساوة اللجوء والطبيعة وبيئة تلك الرقعة من الأرض .ونعلم أيضا أنهم لا حول ولا قوة لهم وهم بين يدي عصبة القيادة. لكن السفن تكون في المرافئ آمنة ولكنها تبحر لأنها صنعت من أجل ذلك (واللبيب بالإشارة يفهم) . إن من يطالب بحريته ويتكلها على غيره فهو لا يستحقها أصلاً، لا شكلاً ولا مضموناً.لأن الأجرب لا تفيده إلا أظافره. نحن نموت كل يوم مائة مرة أفلا نموت ( بعنايتنا ) كما قالها " محمد لمين أحمد " يوماً.هل وصلتم سن اليأس يا قيادتنا ؟ هل ألفتم القعود على كراسي المكاتب ونسيتم كراسي المدرعات والسيارات يوم كانت قذائف تقرير المصير تنطلق من بين أيديكم. أثر الخذلان صمت في وجه من عرف الكرامة. كيف ستقابلوا الشهداء غداً يا رفاقهم، بوجه الكفاح وكلكم أنفة أم بوجه اليوم وكلكم رخوة وإنكسار.أم بوجه الغد والغد لا ندري ما سيكون به.
عفواً قارئي العزيز على ما قلت لكن هذه هي الحقيقة. والوضع هنا واضح وضوح الشمس في كبد السماء لا يحتاج التفسير. بعد أن خانتني النجوم في الليل المكحل بمخيلتي، حين طمعت بأن أستهدي بها علني أجد جواباً لأسئلتي هاته التي أبت أناملي إلا أن تكتبها فربما يكون ( شرقاً ) من يملك الجواب كما يملك زمام القضية. أذنبنا أنا لم نلجأ ؟ أم أننا لم نتمغرب ؟ أم أن لنا ذنب آخر لا تعلمه إلا قيادة أكل الصدأ أسلحتها وأصبحت لها أسلحة اللسان والبيان والعبارات الرنانة. أم الذنب ليس هذا ولا ذاك بل ذنب ذلك القدر الذي ولدنا معه وكبرنا وتعايشنا دون أن نخير فيه أو نسأل. بين هذا وذلك أبقى أنا وقلمي في المناطق المحتلة في حالة من الضبابية ننتظر اليوم الموعود راكبا على أكتاف مقاتلي الجيش الشعبي الصحراوي أو على جواد صناديق الإستفتاء إن كان في العمر بقية.